اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 450
مشاركة ولا مظاهرة فعليكم ان تعظموه وتوقروه وانقادوا له وتذللوا عنده غاية التذلل والخضوع وَبأن تحسنوا بِالْوالِدَيْنِ اللذين هما السببان الظاهريان لتربيتكم وظهوركم إِحْساناً سلسا طلقا فرحانا ضحكا على وجوههم بلا شوب المن والأذى سيما إِمَّا يَبْلُغَنَّ اى ان يبلغن عِنْدَكَ ايها الولد الْكِبَرَ اى سن الكهولة بحيث يعجز عن خدمة نفسه أَحَدُهُما اى احد الوالدين أَوْ كِلاهُما معا وبالجملة فَلا تَقُلْ لَهُما في عموم الأحوال سيما عند الكبر والكهولة أُفٍّ اى صوتا شديدا دالا على زجرهما وضجرهما وردعهما وَان خرجا عن مقتضى العقل وفعلا فعلا يجب لك صرفهما عنه لا تَنْهَرْهُما ولا تقهرهما كذلك زجرا عليهما بل وَقُلْ لَهُما ولصرفهما عما كانا عليه وذبهما عنه قَوْلًا كَرِيماً هينا لينا بلا غلظة وتشدد
وَبالجملة اخْفِضْ وابسط لَهُما جَناحَ الذُّلِّ والمسكنة والتواضع الناشئة مِنَ كمال الرَّحْمَةِ والشفقة عليهما وَلا تقتصر على الخفض والشفقة الدنياوية بل قُلْ لهما ولأجلهما مناجيا مع الله رَبِّ ارْحَمْهُما بمقتضى رحمتك الواسعة وجودك الشامل كَما رَبَّيانِي صَغِيراً اى ارحمهما حسب فضلك ورحمتك مثل رحمتهما وتربيتهما إياي في وقت صغرى وطفوليتى فعليكم ايها المكلفون ان تكونوا في دعائهما على العزيمة الصحيحة والمحبة الخالصة بحيث يكون بواطنكم موافقة لظواهركم مثل تربيتهما إياكم حالة صغركم ولا تتمنوا موتهما في قلوبكم
إذ رَبُّكُمْ المطلع على سرائركم أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ من ابتغائكم موتهما او برهما وتكريمهما فالله سبحانه يعفو عنكم ويقبل توبتكم إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ مصلحين ما فوتم وأفسدتم على نفوسكم من حق تعظيمهما وتوقيرهما فَإِنَّهُ سبحانه من كمال فضله وجوده قد كانَ لِلْأَوَّابِينَ الرجاعين نحوه سبحانه النادمين عما صدر عنهم من المعاصي سيما بما يتعلق بعقوق الوالدين غَفُوراً يغفرهم ويتجاوز عنهم
وَلا تقتصر ايها الولد على تعظيم والديك فقط بل عليك تعظيم كل ما ينتمى إليك من قبلهما لذلك آتِ وأعط ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ اى حق تواضعهم وتوقيرهم ان كانوا اغنياء وأنفق عليهم ان كانوا فقراء وَآت ايضا من زكوات أموالك ومن فواضل صدقاتك الْمِسْكِينَ من الأجانب وهو الذي لا يقدر على قوته وقوت عياله وَابْنَ السَّبِيلِ ايضا الذي قد بعد بلده وليس معه مؤنة معاشه وكن في عموم انفاقك مقتصدا معتدلا وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إسرافا مفرطا خارجا عن حد الاعتدال سيما فيما لا يعنى ولا ينبغي إذ التبذير والتقتير كلاهما مذمومان عقلا وشرعا
لذلك قال سبحانه إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ المسرفين أموالهم رياء وسمعة كبرا وخيلاء قد كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ أشباههم واتباعهم في صرف الأموال الموهوبة من الله غير المصرف وغير المستحق من المصارف بل قد صرفوها الى المحظورات والمكروهات باغواء الشياطين واغرائهم وَكانَ الشَّيْطانُ الغاوي الطاغي لِرَبِّهِ كَفُوراً لنعم الله فيغرى اتباعه الى الكفران ايضا.
ثم قال سبحانه وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ اى ان تحقق اعراضك ومنعك عن هؤلاء المستحقين المذكورين سيما بعد ما سألوا عنك العطاء ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ اى طلب رحمة ومغفرة مرجوة مِنْ رَبِّكَ حال كونك تَرْجُوها اى الرحمة لهم لعلمك منهم بأنهم قد صرفوها الى المعاصي والقبائح فعليك ان تمنعهم وتردهم هينا لينا بلا غلظة وتشدد فَقُلْ لَهُمْ حين دفعهم ومنعهم قَوْلًا مَيْسُوراً سهلا سلسا بحيث لا ييأسوا ولا يحزنوا مثل ان تقول سهل الله علينا وعليكم ويسر لنا ولكم من فضله وجوده
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 450